وسطية أهل القرآن
صفحة 1 من اصل 1
وسطية أهل القرآن
يحدث الله تعالى هذه الأمة عن حقيقتها الكبيرة في هذا الكون، وعن وظيفتها
الضخمة في هذه الأرض، وعن مكانها العظيم في هذه البشرية، وعن دورها
الأساسي في حياة الناس، مما يقتضي أن تكون لها شخصيتها الخاصة فيقول
''وكذلك جعلناكم أمة وسطا، لتكونوا شهداء على الناس، ويكون الرسول عليكم
شهيدا•••''• إنها الأمة الوسط التي تشهد على الناس جميعا، فتقيم بينهم
العدل والقسط، وتضع لهم الموازين والقيم، وتبدي فيهم رأيها فيكون هو الرأي
المعتمد، وتزن قيمهم وتصوراتهم وتقاليدهم وشعاراتهم فتفصل في أمرها وتقول
هذا حق منها وهذا باطل، لا التي تتلقى من الناس تصوراتها وقيمها
وموازينها، وهي شهيدة على الناس وفي مقام الحكم العدل بينهم، وبينما هي
تشهد على الناس هكذا، فإن الرسول هو الذي يشهد عليها، فيقرر لها موازينها
وقيمها، ويحكم على أعمالها، وتقاليدها، يزن ما يصدر عنها، ويقول فيه
الكلمة الأخيرة•• وبهذا تتحدد حقيقة هذه الأمة ووظيفتها•• لتعرفها ولتشعر
بضخامتها، ولتقدر دورها حق قدره، وتستعد له استعدادا لائقا• وإنها للأمة
الوسط بكل معاني الوسط سواء من الوساطة بمعنى الحسن والفضل، أو من الوسط
بمعنى الاعتدال والقصد، أو من الوسط بمعناه المادي الحسي•• ''أمة وسطا''••
في التصور والاعتقاد•• لا تغلو في التجرد الروحي ولا في الارتكاس المادي•
إنما تتبع الفطرة الممثلة في روح متلبس بجسد، أو جسد تتلبس به روح وتعطي
لهذا الكيان مزدوج الطاقات حقه المتكامل من كل زاد، و العمل لترقية الحياة
ورفعها في الوقت الذي تعمل فيه على حفظ الحياة وامتدادها، وتطلق كل نشاط
في عالم الأشواق وعالم النوازع، بلا تفريط ولا إفراط، في قصد وتناسق
واعتدال• ''أمة وسطا''•• في التفكير والشعور•• لا تجمد على ما علمت وتغلق
منافذ التجربة والمعرفة•• ولا تتبع كذلك كل ناعق وتقلد تقليد القردة
المضحك•• إنما تستسمك بما لديها من تصورات ومناهج وأصول، ثم تنظر في كل
نتاج للفكر والتجريب وشعارها الدائم ''الحقيقة ضالة المؤمن أنى وجدها
أخذها''، في كل تثبت ويقين• ولما جعل الله هذه الأمة ـ أمة محمد صلى الله
عليه وسلم ـ أمة وسطا خصها بأكمل الشرائع وأقوم المناهج وأوضح المذاهب،
وجعل كتابه المبين سراجها الهادي للتي هي أقوم والداعي إلى التي هس أحسن
وأصلح، كما قال سبحانه وتعالى: ''إن القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر
المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا'' سورة الإسراء .09 ولم
ينزل الله هذا القرآن الكريم ليشقى به الناس، وإنما أنزله ليسعدوا به
سعادة لا شقاء بعدها، وليهتدوا به هداية، لا ضلال بعدها، كما قال تعالى:
''طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى، إلا تذكرة لمن يخشى، تنزيلا ممن خلق
الأرض والسماوات العلى، الرحمن على العرش استوى'' سورة طه 1 ـ .5 فحقيق
بحامل القرآن بل وبكل مسلم أن يقف عنده فيحل حلاله ويحرم حرامه ويصدق
بأخباره، ولا يتجاوز بغلو وإفراط، أو يقصر عنه بجفاء وتفريط بل يكون في
ذلك وسطا• عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: ''إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير
الغالي فيه ولا الجافي عنه، وذي السلطان المقسط''• قال أبو عبيد القاسم بن
سلام رحمه الله تعالى في بيان معنى حديث ''•• فالغالي المفرط في اتباعه
حتى يخرجه إلى إكفار الناس مثل الخوارج، والجافي عنه المضيع لحدوده
المستخف به''• وفي معنى هذا الحديث قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم
الله وجهه ورضي عنه: ''إن دين الله بين الغالي والمقصّر، فعليكم بالنمرقة
الوسطى، فإن بها يلحق المقصر وإليها يرجع الغالي''• ذلك لأن الشيطان أحرص
ما يكون على صرف المسلم عن الجادة وإبعاده عن الصراط المستقيم، إما إلى
الغلو وإما إلى الجفاء، ولا يبالي عدو الله إبليس بأي الأمرين ظفر، قال
بعض السلف رحمهم الله: ''ما أمر الله تعالى بأمر إلا وللشيطان فيه نزغتان:
إما إلى تفريط وتقصير، وإما إلى مجاوزة وغلو، ولا يبالي بأيهما ظفر''،
ولإبليس في هذا الأمر مكر عجيب• قال الإمام ابن القيم الجوزية ـ رحمه الله
ـ في كتابه ''إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان '':••• ومن كيده ـ أي
الشيطان أعاذنا الله وإياكم منه ـ أنه يشام النفس حتى يعلم أي القوتين
تغلب عليها، قوة الإقدام والشجاعة، أم الانكفاف والإحجام والمهانة، فإن
رأى الغالب على النفس المهانة والإحجام أخذ في تثبيطه وإضعاف همته وإرادته
عن المأمور به، وثقله عليه، فهون عليه تركه حتى يتركه جملة أو يقصر فيه
ويهاون، وإن رأى الغالب عليه قولة الإقدام وعلو الهمة، أخذ يقلل عنه
المأمور به، ويوهمه أنه لا يكفيه، وأنه يحتاج معه إلى مبالغة وزيادة فيقصر
بالأول ويتجاوز بالثاني•• وقد اقتطع أكثر الناس إلا أقل في هذين الواديين
وادي التقصير، ووادي المجاوزة والتعدي، والقليل منهم جدا الثابت على
الصراط الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه•••''• ثم أطال
رحمه الله في ضرب الأمثلة على ذلك ثم قال: ''••• وهذا باب واسع جدا لو
تتبعناه لبلغ مبلغا كثيرا''•• ''•• فدين الله بين الغالي فيه والجافي عنه،
وخير الناس النمط الأوسط، الذين ارتفعوا عن تقصير المفرطين، ولم يلحقوا
بغلو المعتدين، وقد جعل الله سبحانه هذه الأمة وسطا، وهي الخيار العدل،
لتوسطها بين الطرفين المذمومين، والعدل هو الوسط بين طرفي الجور والتفريط،
والآفات إنما تتطرق إلى الأطراف والأوساط محمية بأطرافها فخيار الأمور
أوساطها''• ؟
الدعاء
''اللهم إني أسألك حبك وحب من يحبك، والعمل الذي يبلغني حبك• اللهم
اجعل حبك أحب إلي من نفسي وأهلي ومن الماء البارد• اللهم إنا نسألك موجبات
رحمتك، وعزائم مغفرتك، والسلامة من كل إثم والغنيمة من كل بر، والفوز
بالجنة والنجاح من النار''• ؟
الضخمة في هذه الأرض، وعن مكانها العظيم في هذه البشرية، وعن دورها
الأساسي في حياة الناس، مما يقتضي أن تكون لها شخصيتها الخاصة فيقول
''وكذلك جعلناكم أمة وسطا، لتكونوا شهداء على الناس، ويكون الرسول عليكم
شهيدا•••''• إنها الأمة الوسط التي تشهد على الناس جميعا، فتقيم بينهم
العدل والقسط، وتضع لهم الموازين والقيم، وتبدي فيهم رأيها فيكون هو الرأي
المعتمد، وتزن قيمهم وتصوراتهم وتقاليدهم وشعاراتهم فتفصل في أمرها وتقول
هذا حق منها وهذا باطل، لا التي تتلقى من الناس تصوراتها وقيمها
وموازينها، وهي شهيدة على الناس وفي مقام الحكم العدل بينهم، وبينما هي
تشهد على الناس هكذا، فإن الرسول هو الذي يشهد عليها، فيقرر لها موازينها
وقيمها، ويحكم على أعمالها، وتقاليدها، يزن ما يصدر عنها، ويقول فيه
الكلمة الأخيرة•• وبهذا تتحدد حقيقة هذه الأمة ووظيفتها•• لتعرفها ولتشعر
بضخامتها، ولتقدر دورها حق قدره، وتستعد له استعدادا لائقا• وإنها للأمة
الوسط بكل معاني الوسط سواء من الوساطة بمعنى الحسن والفضل، أو من الوسط
بمعنى الاعتدال والقصد، أو من الوسط بمعناه المادي الحسي•• ''أمة وسطا''••
في التصور والاعتقاد•• لا تغلو في التجرد الروحي ولا في الارتكاس المادي•
إنما تتبع الفطرة الممثلة في روح متلبس بجسد، أو جسد تتلبس به روح وتعطي
لهذا الكيان مزدوج الطاقات حقه المتكامل من كل زاد، و العمل لترقية الحياة
ورفعها في الوقت الذي تعمل فيه على حفظ الحياة وامتدادها، وتطلق كل نشاط
في عالم الأشواق وعالم النوازع، بلا تفريط ولا إفراط، في قصد وتناسق
واعتدال• ''أمة وسطا''•• في التفكير والشعور•• لا تجمد على ما علمت وتغلق
منافذ التجربة والمعرفة•• ولا تتبع كذلك كل ناعق وتقلد تقليد القردة
المضحك•• إنما تستسمك بما لديها من تصورات ومناهج وأصول، ثم تنظر في كل
نتاج للفكر والتجريب وشعارها الدائم ''الحقيقة ضالة المؤمن أنى وجدها
أخذها''، في كل تثبت ويقين• ولما جعل الله هذه الأمة ـ أمة محمد صلى الله
عليه وسلم ـ أمة وسطا خصها بأكمل الشرائع وأقوم المناهج وأوضح المذاهب،
وجعل كتابه المبين سراجها الهادي للتي هي أقوم والداعي إلى التي هس أحسن
وأصلح، كما قال سبحانه وتعالى: ''إن القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر
المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا'' سورة الإسراء .09 ولم
ينزل الله هذا القرآن الكريم ليشقى به الناس، وإنما أنزله ليسعدوا به
سعادة لا شقاء بعدها، وليهتدوا به هداية، لا ضلال بعدها، كما قال تعالى:
''طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى، إلا تذكرة لمن يخشى، تنزيلا ممن خلق
الأرض والسماوات العلى، الرحمن على العرش استوى'' سورة طه 1 ـ .5 فحقيق
بحامل القرآن بل وبكل مسلم أن يقف عنده فيحل حلاله ويحرم حرامه ويصدق
بأخباره، ولا يتجاوز بغلو وإفراط، أو يقصر عنه بجفاء وتفريط بل يكون في
ذلك وسطا• عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: ''إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير
الغالي فيه ولا الجافي عنه، وذي السلطان المقسط''• قال أبو عبيد القاسم بن
سلام رحمه الله تعالى في بيان معنى حديث ''•• فالغالي المفرط في اتباعه
حتى يخرجه إلى إكفار الناس مثل الخوارج، والجافي عنه المضيع لحدوده
المستخف به''• وفي معنى هذا الحديث قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم
الله وجهه ورضي عنه: ''إن دين الله بين الغالي والمقصّر، فعليكم بالنمرقة
الوسطى، فإن بها يلحق المقصر وإليها يرجع الغالي''• ذلك لأن الشيطان أحرص
ما يكون على صرف المسلم عن الجادة وإبعاده عن الصراط المستقيم، إما إلى
الغلو وإما إلى الجفاء، ولا يبالي عدو الله إبليس بأي الأمرين ظفر، قال
بعض السلف رحمهم الله: ''ما أمر الله تعالى بأمر إلا وللشيطان فيه نزغتان:
إما إلى تفريط وتقصير، وإما إلى مجاوزة وغلو، ولا يبالي بأيهما ظفر''،
ولإبليس في هذا الأمر مكر عجيب• قال الإمام ابن القيم الجوزية ـ رحمه الله
ـ في كتابه ''إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان '':••• ومن كيده ـ أي
الشيطان أعاذنا الله وإياكم منه ـ أنه يشام النفس حتى يعلم أي القوتين
تغلب عليها، قوة الإقدام والشجاعة، أم الانكفاف والإحجام والمهانة، فإن
رأى الغالب على النفس المهانة والإحجام أخذ في تثبيطه وإضعاف همته وإرادته
عن المأمور به، وثقله عليه، فهون عليه تركه حتى يتركه جملة أو يقصر فيه
ويهاون، وإن رأى الغالب عليه قولة الإقدام وعلو الهمة، أخذ يقلل عنه
المأمور به، ويوهمه أنه لا يكفيه، وأنه يحتاج معه إلى مبالغة وزيادة فيقصر
بالأول ويتجاوز بالثاني•• وقد اقتطع أكثر الناس إلا أقل في هذين الواديين
وادي التقصير، ووادي المجاوزة والتعدي، والقليل منهم جدا الثابت على
الصراط الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه•••''• ثم أطال
رحمه الله في ضرب الأمثلة على ذلك ثم قال: ''••• وهذا باب واسع جدا لو
تتبعناه لبلغ مبلغا كثيرا''•• ''•• فدين الله بين الغالي فيه والجافي عنه،
وخير الناس النمط الأوسط، الذين ارتفعوا عن تقصير المفرطين، ولم يلحقوا
بغلو المعتدين، وقد جعل الله سبحانه هذه الأمة وسطا، وهي الخيار العدل،
لتوسطها بين الطرفين المذمومين، والعدل هو الوسط بين طرفي الجور والتفريط،
والآفات إنما تتطرق إلى الأطراف والأوساط محمية بأطرافها فخيار الأمور
أوساطها''• ؟
الدعاء
''اللهم إني أسألك حبك وحب من يحبك، والعمل الذي يبلغني حبك• اللهم
اجعل حبك أحب إلي من نفسي وأهلي ومن الماء البارد• اللهم إنا نسألك موجبات
رحمتك، وعزائم مغفرتك، والسلامة من كل إثم والغنيمة من كل بر، والفوز
بالجنة والنجاح من النار''• ؟
مواضيع مماثلة
» لاغنى لمسلم عن القرآن
» معجزات الثرآن الكريم
» القرآن الكريم : صورة وكتابة
» برنامج البحث في القرآن الكريم
» إذا كنت تريد أن تقرأ ثلث القرآن الكريم ، أدخل
» معجزات الثرآن الكريم
» القرآن الكريم : صورة وكتابة
» برنامج البحث في القرآن الكريم
» إذا كنت تريد أن تقرأ ثلث القرآن الكريم ، أدخل
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى